كان علاء يعمل خياطا في بيت لاهيا في غزة. وهو أب لأربعة أطفال، ثلاثة منهم يعانون من مرض الثلاسيميا، وهو مرض في الدم يجعل توافر الطعام المغذي أمرا حيويا لبقائهم على قيد الحياة. وكلما كانت نوعية طعامهم أفضل، كلما طالت الفترة بين عمليات نقل الدم لأطفاله. ونتيجة لذلك، فإن نقص الرعاية الطبية وندرة الغذاء في قطاع غزة الذي دمرته الحرب - وخاصة الوجبات الطازجة والمغذية - يمثلان حكمًا محتملاً بالموت بالنسبة لهم.
قبل الحرب، كان كل من ميسرة (23 عاما) وعبد الله (21 عاما) وسمير (18 عاما) يحتاجون إلى نقل الدم كل أسبوعين، وذلك اعتمادا على نوعية طعامهم. ويعني سوء التغذية الناتج عن الحرب أنهم يحتاجون الآن إلى عمليات نقل دم كل أسبوع. كما أن ندرة الأدوية تعرض حياتهم للخطر.
ويروي علاء قصة نزوح أسرته، وهي قصة يبدو أن لا نهاية تلوح لها في الأفق، حيث إن منزلهم ومتجره قد دمر. "في البداية، تركنا منزلنا في بيت لاهيا بعد أن تلقينا أوامر الإخلاء وذهبنا إلى مدرسة الفاخورة التابعة للأونروا، على أمل أن تكون مكانا آمنا. كما أنها كانت قريبة من المستشفى، وهو أمر مهم بالنظر إلى أن أطفالي بحاجة إلى عمليات نقل دم. لكن سرعان ما اشتد القصف من حولنا، وفي نهاية المطاف أصيبت المدرسة التي كنا نحتمي بها. هربنا حفاة دون أن نأخذ معنا أي شيء. كنت أركض في الشوارع مع أطفالي والقذائف تتساقط من حولنا والمنازل تنهار على الطرقات. لا أعرف كيف نجونا، لكننا نجونا. قتل العديد من الناس من حولي. عندما وصلنا إلى مستشفى النصر للأطفال، بقينا هناك".
وقد أجبروا مرة أخرى على الفرار عندما تم قصف المستشفى. "كان الحشد مرعوبا. كنت خائفا من أن يصاب أحد أطفالي بالمرض وأنني لن أتمكن من حمايته من الناس أثناء تدافعهم لمغادرة المنطقة. كان الآلاف من الناس يتدافعون خارج المستشفى، وكانت الطائرات الحربية تقصفه. أتذكر طفلين قتلا في ذلك اليوم"، يروي علاء بألم.
ويكمل علاء حديثه بالقول: "عندما أعلنوا عن عملية رفح، انتقلنا مرة أخرى إلى منطقة المواصي. لم أستطع العثور على مكان قريب من أي مستشفى في الجنوب، لذلك استسلمت للواقع ونصبنا خيمة في المواصي، هنا في الصحراء، على هذه الكثبان الرملية. لا يوجد مصدر مياه قريب أو مستشفى قريب. وبينما كنت أبني خيمتنا، انهار عبد الله أمامي. عندما لم أجد وسيلة مواصلات لنقله إلى مستشفى الأقصى، حملته. كان المستشفى ممتلئا بالقتلى والجرحى من جراء القصف المستمر. لم أجد سريرا فارغا له، كانت فوضى عارمة! كانت الدماء في كل مكان، والجثث متناثرة على أرضية المستشفى. عندما فحص الطبيب ابني وجد أنه بحاجة إلى وحدات دم على الفور. لم تكن وحدات الدم متوفرة في المستشفى نظرا لوجود الكثير من المصابين الذين كانوا بحاجة إلى نقل دم أيضا".
غادر علاء المستشفى للبحث عن متبرع. "ذهبت أطلب من المارة التبرع بالدم. كنت أتوسل إليهم عمليا، لكن الكثيرين أخبروني أنهم لم يأكلوا وخافوا من أن يغمى عليهم. وجدت شابا مستعدا للتبرع. عندما عدت إلى المستشفى، كان ابني عبد الله قد توفي بالفعل. مات عبد الله وارتاح من هذه الدنيا الظالمة".
ولا تزال معاناة عائلة أبو النصر مستمرة، حيث إن عدم توفر الغذاء الصحي يعرض أطفالهم الآخرين لخطر التعرض لمصير عبد الله.
وتواصل الأونروا دعم النازحين أينما كانوا بالمساعدات المتاحة، كلما كان ذلك ممكنا. وتتلقى عائلة أبو النصر حصتها الغذائية من الوكالة والدعم الطبي من عيادة محلية تابعة للأونروا. ومع ذلك، فإن هذا بعيد عن أن يكون كافيًا.
ويكمل علاء حديثه بالقول: "عندما أعلنوا عن عملية رفح، انتقلنا مرة أخرى إلى منطقة المواصي. لم أستطع العثور على مكان قريب من أي مستشفى في الجنوب، لذلك استسلمت للواقع ونصبنا خيمة في المواصي، هنا في الصحراء، على هذه الكثبان الرملية. لا يوجد مصدر مياه قريب أو مستشفى قريب. وبينما كنت أبني خيمتنا، انهار عبد الله أمامي. عندما لم أجد وسيلة مواصلات لنقله إلى مستشفى الأقصى، حملته. كان المستشفى ممتلئا بالقتلى والجرحى من جراء القصف المستمر. لم أجد سريرا فارغا له، كانت فوضى عارمة! كانت الدماء في كل مكان، والجثث متناثرة على أرضية المستشفى. عندما فحص الطبيب ابني وجد أنه بحاجة إلى وحدات دم على الفور. لم تكن وحدات الدم متوفرة في المستشفى نظرا لوجود الكثير من المصابين الذين كانوا بحاجة إلى نقل دم أيضا".
غادر علاء المستشفى للبحث عن متبرع. "ذهبت أطلب من المارة التبرع بالدم. كنت أتوسل إليهم عمليا، لكن الكثيرين أخبروني أنهم لم يأكلوا وخافوا من أن يغمى عليهم. وجدت شابا مستعدا للتبرع. عندما عدت إلى المستشفى، كان ابني عبد الله قد توفي بالفعل. مات عبد الله وارتاح من هذه الدنيا الظالمة".
ولا تزال معاناة عائلة أبو النصر مستمرة، حيث إن عدم توفر الغذاء الصحي يعرض أطفالهم الآخرين لخطر التعرض لمصير عبد الله.
وتواصل الأونروا دعم النازحين أينما كانوا بالمساعدات المتاحة، كلما كان ذلك ممكنا. وتتلقى عائلة أبو النصر حصتها الغذائية من الوكالة والدعم الطبي من عيادة محلية تابعة للأونروا. ومع ذلك، فإن هذا بعيد عن أن يكون كافيًا.
فارس قنديل، 69 عاما، نازح أيضا. إنه ينحدر من صبرا في غزة. كان يعمل ميكانيكي سيارات ويعمل في مجال العقارات عندما يسمح له الوقت بذلك. كان لرحلة نزوحه خمسة مراحل حتى الآن. في البداية، نزح من صبرا إلى دير البلح ثم إلى رفح. وعندما جاءت أوامر الإخلاء لرفح، اضطر إلى الانتقال إلى خان يونس، ومن هناك وجد نفسه الآن في الزوايدة وسط قطاع غزة.
يعاني فارس من أمراض مزمنة مثل السكري وارتفاع ضغط الدم، ما جعل من الصعب عليه التنقل كثيرا، خاصة في ظل عدم وجود أدوية للسيطرة على أمراضه. لقد اجتاحه الخوف وهو يشهد اعتقال الفلسطينيين خلال رحلات النزوح التي قام بها. كما شهد عمليات مضايقات وقتل، وإجبار الناس على خلع ملابسهم والتخلص من القليل من المتعلقات الشخصية التي كانت بحوزتهم لاجتياز نقاط التفتيش. لقد أخبرنا أنه توقع الموت في عدة مناسبات، حيث تعرض منزله للقصف الجزئي بقذائف المدفعية التي لا تزال بداخله، ما جعله غير صالح للسكن.
في خضم كل هذه الصدمات، فإن أزمة الجوع التي صنعها الإنسان هي أكثر ما يصيب فارس. يتلقى فارس، كغيره من النازحين، مساعدات من الأونروا، يتم توزيعها داخل ملاجئ الوكالة. ويشمل ذلك الأغذية المعلبة والدقيق. إلا أن القيود المفروضة على سبل الوصول إلى قطاع غزة وحوله قد أعاقت تدفق المساعدات التي لا تكفي أبدا لتلبية الاحتياجات الهائلة لما يقارب مليوني نازح.
ويقول فارس: " الموت هنا لا يأتي فجأة، ولكن الحياة هنا تأتي فجأة". وفي حديثه عن ذكريات من رحلاته، يتذكر فارس عندما زار القدس عام 1972. ويتذكر كيف كان يصلي في المسجد العمري ويتسوق في سوق الزاوية في المدينة، واثقا من أنه سيعود يوما ما. "على قادة العالم أن يكونوا جادين في معالجة هذه القضية وأن يقفوا إلى جانبنا وإلى جانب شعبنا. لقد شهدنا فصولا من مأساة النزوح، من التجويع والقصف الشديد والدمار. هذه المأساة المرعبة يجب أن تتوقف"، يقول فارس.