تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
خطة منهجية لإعادة بناء القطاع الصحي في غزة: مساهمة من المجموعة الفرعية للصحة العامة في مؤتمر عمّان (7 شباط/فبراير 2024)
المؤلف
مارتين نجم
عبد اللطيف الحسيني
يحيى عابد
روان حامد
إيمان نويهض
ريما عفيفي
عدنان حامد
عائشة جمعان
سنة النشر
اللغة
انجليزي
Arabic
عدد الصفحات
21

ضم المؤتمر الدولي الأول لإعادة بناء القطاع الصحي في غزة (عمّان، 7-8 شباط/فبراير 2024) شخصيات دولية ذات اهتمامات متنوعة من المتخصصين في الطب والصحة وصانعي السياسات، مع التركيز على المنظمات والأصوات الفلسطينية، لصوغ خطة لإعادة بناء القطاع الصحي في غزة. وكجزء من هذا الجهد، شُكلت مجموعة فرعية للصحة العامة لضمان اعتماد نهج شامل للصحة العامة وتضمين صحة المجتمع والسكان في هذه الخطة باعتبارها مكوناً أساسياً لها. في هذه المقالة، نشارك مساهمة المجموعة الفرعية في المؤتمر. ‎

تعدُّ غزة من أكثر الأماكن اكتظاظاً بالسكان على وجه الأرض، إذ يبلغ عدد سكانها 2.2 مليون نسمة، ثلثاهم من اللاجئين، ويعيشون في مساحة تبلغ 365 كيلومتراً مربعاً. يرزح القطاع تحت عبء الحصار الإسرائيلي منذ أكثر من 15 عاماً وتعرض لهجمات عسكرية إسرائيلية متكررة في الأعوام 2008 و2012 و2014 و2021 (Reuters, 2023). أي فتى يبلغ اليوم من العمر 15 عاماً ويعيش في غزة شهد خمس حروب إسرائيلية مدمرة منذ ولادته، وهذا يعني أنه شهد حرباً كل ثلاث سنوات تقريباً. في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، توغلت حركة "حماس" في غلاف غزة ونفذت هجمات أسفرت عن مقتل نحو 1200 مدني وعسكري، وخطف أكثر من 250 شخصاً. وفي الثامن من تشرين الأول/أكتوبر، بدأت إسرائيل هجوماً انتقامياً على غزة ما أسفر حتى تاريخ كتابة المقال عن مقتل ما يقرب من 30 ألف مدني وإصابة وتشويه أكثر من 70 ألفاً، معظمهم من النساء والأطفال (WHO Health Cluster (updated daily), 2024; Euro-Med Monitor, 2024).

في انتهاك للقانون الإنساني الدولي، نفذت إسرائيل 744 هجوماً على مرافق الرعاية الصحية في غزة (WHO SSA, 2024)، واستهدفت المستشفيات ومراكز الرعاية الصحية الأولية، ما جعل ثلثيها على الأقل خارج الخدمة جزئياً أو كلياً، وتسبب بقتل أكثر من 377 من العاملين في المجال الصحي (WHO Health Cluster (updated daily), 2024; ICRC, 2023). وبحلول تشرين الثاني/نوفمبر 2023، صارت الحرب بالفعل أكثر الحروب فتكاً في التاريخ بالعاملين الصحيين في منشآت تابعة للأمم المتحدة (UN(b), 2023). كما استهدف الهجوم الإسرائيلي على غزة عمداً البنى التحتية الاجتماعية والاقتصادية (المياه، ومياه الصرف الصحي، والطرق، والاتصالات السلكية واللاسلكية)، والمدارس، والمواقع الدينية، والوحدات السكنية والتجارية، لإجبار الناس على النزوح وحرمانهم من الملاجئ الآمنة والاحتياجات الأساسية للبقاء على قيد الحياة. ويتفاقم الدمار الذي لحق بالسكان جراء الحصار المفروض على غزة، والذي يقيِّد تدفق الإمدادات الطبية والمعدات والموارد الأساسية اللازمة للاستجابة الإنسانية. في هذه الحرب، يُستخدم الغذاء والماء والدواء والوقود أسلحة حرب. واستخدام إسرائيل المتعمد للجوع كتكتيك في الحرب يشكل انتهاكاً خطراً للقانون الإنساني الدولي، وتحظره صراحةً اتفاقية جنيف (IHL Databases, n.d.). ودفعت فداحة هذه الفظائع جنوب أفريقيا في كانون الأول/ ديسمبر 2023 إلى رفع دعوى ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية تتهمها فيها بارتكاب جرائم إبادة جماعية.

تزداد الدعوات المطالبة بوقف فوري لإطلاق النار وإيجاد حل دائم لاحتلال فلسطين، على الرغم من أن إسرائيل وبعض حلفائها في أميركا الشمالية وأوروبا ما زالوا يرفضونها. ومازالت المناقشات بشأن "اليوم التالي" مستمرة، وتدور في معظمها حول القضايا السياسية، وأيضاً حول إعادة بناء قطاع الصحة في غزة. ومع ذلك، فإن الخطط الرامية إلى معالجة صحة السكان والمجتمع بعد الحروب تميل إلى اتباع نهج طبي حيوي بحت، والتركيز على إعادة بناء المستشفيات وتوفير الرعاية الطبية المباشرة، وهذا يهمش فعلياً الدور الحاسم للصحة العامة كشرط مسبق ضروري للحفاظ على الصحة. يعتمد نهج الصحة العامة على المجتمع ويركز على الرعاية الصحية الأولية، مع الاهتمام أيضاً بالمحددات الصحية الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي هي ضرورية لتحقيق رفاهية السكان. ‎

تقر هذه المقالة بالحاجة إلى تلبية الاحتياجات الطبية العاجلة وتجادل بأولوية نهج الصحة العامة في إعادة بناء قطاع الصحة في غزة - وهو نهج يحترم تاريخ نظام الصحة العامة قبل حرب عام 2023 ومتانته وخبرة المتخصصين الغزيين في مجال الصحة العامة وتجربتهم وكفاءتهم. وتكتسب هذه الرؤية الشاملة أهمية خاصة في غزة حالياً، حيث يمتد تأثير الصراع إلى ما هو أبعد من الإصابات الجسدية ليشمل نطاقاً أوسع من الصحة العقلية والاجتماعية، بالإضافة إلى سبل العيش الاقتصادية والقضايا البيئية. ‎

تطرح هذه الورقة رؤية لإعادة بناء قطاع الصحة في غزة مع التركيز على نهج الصحة العامة. تتكون الورقة من ستة أقسام؛ يعرض القسم الأول التعريف الشامل للصحة. ويصف القسمان الثاني والثالث نظام الصحة العامة قبل 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، ويناقشان دور نظام الصحة العامة الموجود في دعم بقاء سكان غزة ومقاومتهم. أمّا القسمان الرابع والخامس فيجادلان في الحاجة إلى اتباع نهج شامل ومترابط للصحة العامة، مع التركيز على القيم، لإعادة بناء قطاع الصحة في غزة. ويقترح القسم الأخير أولويات ما بعد الحرب.

1) التعريف الشمولي للصحة

تعرِّف منظمة الصحة العالمية الصحة على أنها: "حالة من اكتمال السلامة بدنياً وعقلياً واجتماعياً، وليست مجرد غياب المرض أو العجز" (WHO, 1946). ويسلط هذا التعريف الضوء على محدودية التركيز فقط على غياب المرض، ويؤكد الحاجة إلى معالجة العوامل المجتمعية والبيئية الأوسع التي تؤثر في الرفاهية.

وتشمل الصحة البدنية، وهي أساس هذا النسيج الشامل، عوامل مثل التغذية الصحية، والتريّض المنتظم، والنوم الجيد (Defense Health Hub, n.d.). ومع ذلك، فإن مبادرات الصحة العامة تعترف على نحو متزايد بالتفاعل العميق بين الصحة العقلية والعاطفية والجسدية. وأظهرت دراسات أن التوتر المزمن والشعور بالوحدة والاكتئاب يمكن أن تساهم في الإصابة بأمراض مزمنة، مثل أمراض القلب والسكتة الدماغية والسكري (SAMHSA, 2023).

الصحة الاجتماعية، التي غالبا ما يتم تجاهلها في نماذج الصحة العامة التقليدية، يُعترف بها اليوم بصفتها محدداً حاسماً للرفاهية العامة، إذ توفر الروابط الاجتماعية القوية والداعمة التي تُبنى بين أفراد العائلات، وعلاقات الصداقة، والعلاقات المجتمعية، دعماً اجتماعياً لا يقدر بثمن، وشعوراً بالانتماء، وحاجزاً أمام التوتر (APA, 2020). على العكس من ذلك، تُربط العزلة الاجتماعية والوحدة بزيادة معدلات الإصابة بالأمراض والوفيات (Holt-Lunstad et al., 2017).

إن هذا التحول نحو نهج شامل للصحة العامة له تأثير كبير في التدخلات والسياسات. وتتحول مبادرات الصحة العامة حالياً إلى ما هو أبعد من علاج الأمراض الفردية، والتركيز عوضاً عن ذلك على تعزيز البيئات الصحية، وتقوية الروابط الاجتماعية، ومعالجة المحددات الاجتماعية والاقتصادية للصحة (WHO(a), 2023).

2) دور نظام الصحة العامة في دعم مقاومة سكان غزة منذ الحرب الإسرائيلية في 8 تشرين الأول/أكتوبر: قوة مجتمعية جماعية ونظام صحي لديه مقومات الصمود

تسبب التصعيد الأخير في الحرب على غزة التي اندلعت قبل خمسة أشهر (منذ تشرين الأول/ أكتوبر 2023) بمعاناة هائلة للسكان. ومع ذلك، ومن قلب الدمار واليأس، تكشفت قصة صمود رائعة، وبرز نظام الرعاية الصحية الأولية الممتدة جذوره عميقاً في المجتمع، يعززه نظام الاستجابة لحالات الطوارئ الموجود مسبقاً، والتنسيق الدولي والوطني، بصفته ركيزة أساسية من ركائز الصمود، من خلال توفير شريان حياة لسكان غزة خلال هذه الفترة العصيبة المهولة. لم تنحصر هذه القدرة على الصمود بمتخصصي الرعاية الصحية، بل بالروح الجماعية للمجتمع بأكمله، بما في ذلك الصحافيون الذين اضطلعوا بدور حاسم في توثيق أصوات المتضررين وإسماعها للعالم (UN(a), 2023).

شكلت مراكز الرعاية الصحية الأولية في غزة خط الدفاع الأول، وفيها تعمل وجوه مألوفة من أبناء أحياء غزة الذين بنوا علاقات متينة مع مجتمعاتهم، وعلاقات قوية مع السكان، وهو ما عزز الشعور بالثقة والدعم الاجتماعي، وهما عنصران حاسمان للتعامل مع الصدمات النفسية والإصابات الجسدية التي سببتها الحرب. فمن توفير رعاية الصدمات في الوقت المناسب، إلى إدارة الحالات المزمنة، وتقديم الدعم للصحة العقلية، أُلقي على كاهل نظام الصحة العامة عبءٌ ثقيل، واضطر أفراده في أكثر الأحيان إلى العمل بموارد محدودة، وفي ظل ظروف صعبة مع بقاء 66% فقط من المرافق الصحية، بما في ذلك مراكز الرعاية الصحية الأولية والمستشفيات، في الخدمة، بحلول نهاية تشرين الأول/ أكتوبر 2023 (OCHA, 2023). ومع استمرار الأعمال العدائية، وصل الوضع الصحي في غزة إلى أسوأ نقطة في تاريخه، مع تضرر 98 منشأة للرعاية الصحية، بما في ذلك 27 من أصل 36 مستشفى، جراء الهجمات الإسرائيلية المستمرة حتى 9 شباط/فبراير 2024. وقد أدى هذا إلى الحد على نحو كبير من إمكانية الحصول على خدمات الرعاية الصحية، وإلى ارتفاع عدد الوفيات بين المواطنين والعاملين في مجال الرعاية الصحية (Relief Web, 2024).

لقد زودت سنوات من الخبرة في التعامل مع الهجمات الإسرائيلية النظام الصحي في غزة بشبكة استجابة فعالة لحالات الطوارئ، وقابلة للتكيف بدعم من الجهود الوطنية والدولية (WHO, 2018 & UNICEF, 2019). وقد أثبت نظام الاستجابة لحالات الطوارئ الموجود مسبقاً – وتطور على مدى عقود من التعرض للحروب - أنه لا غنى عنه في ضمان الاستجابة السريعة لحالة الطوارئ الحالية. وضمنت البروتوكولات وقنوات الاتصال المعمول بها، فضلاً عن التعاون المنتظم بين وزارة الصحة الفلسطينية ووكالات الأمم المتحدة، بما في ذلك الأونروا والمنظمات الإنسانية مثل منظمة أطباء بلا حدود واللجنة الدولية للصليب الأحمر، قدرة الفرق الصحية على سرعة التحرك وتوفير الرعاية للمتضررين من العنف (OCHA, 2023). وتعاونت مراكز الرعاية الصحية الأولية والمستشفيات وخدمات الإسعاف والمنظمات الإنسانية على نحو وثيق، وتبادلت الموارد والمعلومات والخبرات لتقديم أفضل ما يمكن من الرعاية وتخصيص الموارد للمجتمعات والأفراد المتضررين. وقد ضمن هذا التنسيق أنه حتى في خضم الفوضى، وصلت الإمدادات الطبية الأساسية إلى أولئك الذين هم في أمس الحاجة إليها، وتمت إحالة المرضى بكفاءة إلى مستويات أعلى من الرعاية عند الضرورة (UN, 2024).

ومع ذلك، فإن قصة الصمود تذهب إلى ما هو أبعد من أنظمة الرعاية الصحية الأولية ومتخصصي الرعاية الصحية؛ فسكان غزة العاديون الذين ليست لديهم خبرة صحية سابقة، ارتقوا إلى مستوى الحدث، وتطوعوا لدعم الفرق الصحية والطبية، وإيصال المساعدات، وتقديم الدعم العاطفي لجيرانهم. ووثق الصحافيون، الذين خاطروا بحياتهم، الحرب على غزة، ولفتوا انتباه العالم إلى محنة شعب غزة، وسلطوا الضوء بشكل خاص على كفاح النظام الصحي للاستمرار، وكانت شجاعتهم وتفانيهم نبراس أمل وشهادة على روح المجتمع التي لا تتزعزع (UN(a), 2023 & Zerrouky, 2023).

وعلى الرغم من هذا التجلي المبهر لقوة المجتمع وقدرته على الصمود والتنسيق، فإن الهجمات الإسرائيلية ألحقت أضراراً جسيمة بنظام الصحة العامة في غزة، فتعطلت الاستجابة المجتمعية بشدة بسبب الهجمات المستمرة على البنية التحتية الصحية، بما في ذلك المرافق، والعاملين، وسيارات الإسعاف، ومستودعات اللوازم الطبية، والإمدادات اللازمة لرعاية المرضى. وفي الفترة بين 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023 و16 كانون الثاني/ يناير 2024، نُفذت 628 هجمة على غزة والضفة الغربية (جميعها في انتهاك للقانون الدولي) (WHO SSA, 2024). وقد طرح قصف مرافق الرعاية الصحية وتدمير البنية التحتية تحديات هائلة (Palestine Chronicle, ‎2023)، ومع ذلك، فإن التفاني المذهل للعاملين في مجال الرعاية الصحية، إلى جانب الدعم الثابت من المجتمع والمنظمات الدولية والصحافيين، ضمنا استمرار تقديم خدمات الرعاية الصحية، وليس هذا الجهد الجماعي سوى شهادة على الروح التي لا تُقهر لشعب غزة، وقوة الوحدة والتعاون والبطولة في وجه الصعوبات.

3) الصحة العامة في غزة قبل 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023: نقاط القوة والضعف

واجه نظام الصحة العامة في قطاع غزة، قبل بداية الحرب، تحديات جوهرية تفاقمت على نحو كبير بسبب الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة، والحصار البري والجوي والبحري المستمر الذي تفرضه إسرائيل منذ 16 عاماً، وهذا كله أحال غزة إلى "أكبر سجن مفتوح في العالم" (Farhat et al., 2023). وتأثر مسار هياكل الاستجابة لحالات الطوارئ وتحولها، بصورة عميقة، بتكرر النزاعات على نحو دوري، ولا سيما في مراحل الحروب الكبرى المذكورة أعلاه. وقد أثرت هذه الاعتداءات، التي ألحقت أضراراً مباشرة ومتعمدة بالبنية التحتية للرعاية الصحية، في إمكان حصول الفلسطينيين في غزة على خدمات الرعاية الصحية. كما أدى الحصار إلى منع دخول الأدوية والمعدات الطبية إلى غزة، ما أثر في قدرة مراكز الرعاية الصحية والمستشفيات على تلبية احتياجات مجتمعاتها (Farhat et al., 2023). وأدى ذلك إلى تطوير آليات الاستجابة لحالات الطوارئ للتكيف مع التحديات الناشئة. لقد أجبرت الهجمات المتكررة على غزة هياكل الاستجابة لحالات الطوارئ على تعزيز المرونة والقدرة على الصمود كآليات للبقاء، وتطلبت الحاجة الملحة للاستجابة بسرعة لتدفق الضحايا وتلبية احتياجات السكان من الرعاية الصحية في أثناء الأزمات تكيُّفات كبيرة بدعم من الأطراف الدولية (WHO, 2018 & UNICEF, 2019). ومع ذلك، استمرت مشكلة النقص في الموارد، بما في ذلك الإمدادات الطبية الحيوية والموظفين، وتفاقمت مع استمرار الحصار، ما زاد في تعقيد البنية التحتية المُجهدة في الأصل، وأثّر في إمكان الحصول على الرعاية الصحية الشاملة (UNICEF, 2019). كذلك أثّر استمرار هذا الوضع وإطالته في الصحة العقلية لكل من السكان ومقدمي الرعاية الصحية (OCHA, 2020; MSF, 2022).

قبل 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، كان نظام الصحة العامة في غزة يمر بوضع معقد؛ فمن ناحية، توفر النسبة المرتفعة من الشباب، في مجتمع يمثل فيه من هم أقل من 19 عاماً الفئة الأكبر من السكان، إمكانات كبيرة للأجيال القادمة. ومن ناحية أُخرى، فإن ذلك من شأنه أن يضغط على الموارد الحالية لأن القطاع يسجل أعلى كثافة سكانية في العالم (تتجاوز 5500 لكل كيلومتر مربع) مع ارتفاع عدد الفلسطينيين المسجلين لاجئين، ما يزيد في تكثيف الضغوط على الموارد (Statista, 2023).

يغطي نظام الرعاية الصحية الأولية في قطاع غزة نحو 78% من الفلسطينيين، مع مساهمات كبيرة من التأمين الصحي الحكومي ووكالة الأونروا تشكل أكثر من 90% من التغطية الصحية، ويشمل التأمين الصحي الحكومي خدمات، مثل صحة الأم والطفل، والرعاية الثانوية والثالثية، والأدوية الأساسية، وتأتي 45.5% من تغطية الاحتياجات الصحية من مدفوعات الجيب (Alkhaldi et al., 2021).

كانت الأونروا تشغِّل 65 مركزاً صحياً، لكنها واجهت أزمة مالية حادة في عام 2018، بالإضافة إلى سحب التمويل خلال الحرب الحالية – وهو ما يزيد في إضعاف خدمات الرعاية الصحية الأولية الأساسية (UNRWA, 2019 & Alkhaldi et al., 2021). وتولت وزارة الصحة إدارة نحو ثلث عيادات الرعاية الصحية الأولية البالغ عددها 160 عيادة، وجرى تقاسم السعة السريرية، فقدمت وزارة الصحة 73%، والجهات غير الحكومية 22%، والخدمات الطبية العسكرية 6%، وشكلت الموارد البشرية 49% من إجمالي نفقات وزارة الصحة، مع استمرار ندرة القوى العاملة وتحديات خفض الأجور (UNRWA, 2019 & Alkhaldi et al., 2021). وعلى الرغم من التحديات، حقق برنامج التطعيم نسبة تغطية للأطفال تزيد على 95% بفضل الدعم الدولي (Palestinian Health Information Center, 2018 & Alkhaldi et al., 2021). وتبين أن نظام الرعاية الصحية في غزة قادر تماماً على "الصمود"، وفقاً للموظفين الإداريين في مؤسسات الرعاية الصحية الرئيسية؛ فقد قال أكثر من 75% من المشاركين في الاستطلاع إن نظام الرعاية الصحية متكيف ومتكامل ويتميز بالتنوع والتنظيم الذاتي. وساهمت الوكالات الدولية في تعزيز هذه القدرة على الصمود، في الغالب، من خلال تعبئة الموارد للاستجابة الفورية لحالات الطوارئ (Al Moghany, 2020).

على الرغم من تفاني مؤسسات، مثل وزارة الصحة والأونروا ومنظمة الصحة العالمية واليونيسيف وصندوق الأمم المتحدة للسكان والمنظمات غير الحكومية التي تدير شبكة واسعة من مراكز الرعاية الصحية الأولية، فإن التنسيق وتخصيص الموارد ما زالا يمثلان مشكلة، وما زالت أوجه عدم المساواة في الرعاية الصحية قائمة (Alkhaldi et al., 2021). وتتشكل أوجه عدم المساواة هذه من خلال محددات الصحة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية (Alkhaldi et al., 2021)، فعلى سبيل المثال، أشار تحليل حديث إلى أن معدل البطالة في غزة بلغ 52% في عام 2018، أي أعلى بمقدار 2.5 مرة منه في الضفة الغربية، وأعلى بنحو 5 مرات من معدلات البطالة في إسرائيل. ومنذ فرض الحصار في عام 2007، بلغ متوسط نمو الناتج المحلي الإجمالي في غزة 1% سنوياً، في مقابل 6% في الضفة الغربية. وتواجه أنظمة التعليم والإسكان والزراعة والمياه والصرف الصحي تحديات مماثلة؛ فقد وجد تحليل للفوارق الصحية بين إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة (الضفة الغربية وقطاع غزة) (Rosenthal, 2021)، أن في عام 2016، كان متوسط العمر المتوقع أعلى بتسع سنوات في إسرائيل (82.4) مقارنة مع الأراضي الفلسطينية المحتلة (73.5)، وفي عام 2017، بلغت معدلات وفيات الرضع 2.9/1000 في إسرائيل، و17.9/1000 في الأراضي الفلسطينية المحتلة. وعُثر على فروق ذات دلالة إحصائية في معدلات الوفيات، بحسب العمر بين إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة، في 14 سبباً من أصل 20 سبباً رئيسياً للوفاة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، فمثلاً، بلغت معدلات الوفيات بسبب أمراض القلب الإقفارية في إسرائيل 47.7/100,000 مقارنة مع 153/100,000 في الأراضي الفلسطينية المحتلة (بنسبة 3.2)، ويعزى نحو نصف تلك الوفيات (53.2%) في إسرائيل إلى العوامل الغذائية، مقارنة بنحو ثلاثة أرباع (72%) في الأراضي الفلسطينية المحتلة. وبلغت معدلات الوفيات الناجمة عن اضطرابات الولادة 2.9/100000 في إسرائيل و15.8/100000 في الأراضي الفلسطينية المحتلة (بمعدل 5.5). وما يؤكد حجم تأثير محددات الصحة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، هو أن عدداً قليلاً جداً من الاختلافات في معدل الوفيات يمكن أن يُعزى إلى الاختلافات في السلوكيات (Rosenthal, 2021).

على الرغم من هذه الفوارق، فإن المؤشرات المتعلقة بالصحة في غزة تحسنت مع مرور الوقت، وانخفض معدل وفيات الرضع (20 لكل 1000 مولود حي في عام 2019) إلى أقل من المتوسط العالمي، كما تحسن معدل وفيات الأطفال دون سن الخامسة بشكل ملحوظ (12.1 لكل 1000 مولود حي في عام 2019)، ويرجع ذلك أساساً إلى تنفيذ البرامج التي تدعم خدمات صحة الأم والطفل (Van den Berg et al., 2018 & Alkhaldi et al., 2021). ومع ذلك، ظلت هناك تحديات كبيرة؛ فقد بقيت وفيات الأمهات (27 حالة وفاة لكل 100,000 ولادة حية) مرتفعة بشكل مثير للقلق في قطاع غزة، متجاوزة الأرقام العالمية والإقليمية، ما يسلط الضوء على استمرار الصعوبات (Alkhaldi et al., 2021). وأقيم رابط بين النزاع المسلح وارتفاع معدلات وفيات الأمهات (Jawad et al., 2021). وفي غزة أيضاً، حتى قبل الأزمة الأخيرة، كان ما يقرب من طفل واحد من كل 10 أطفال دون سن الخامسة يعاني من توقف النمو بسبب سوء التغذية المزمن، وعلى الرغم من ذلك، كانت معدلات الهزال ونقص الوزن منخفضة. لكن، كان 77% من السكان يعتمدون على المساعدات الغذائية الخارجية، وكان نصف الأطفال فقط لديهم ما يكفي من التنوع في وجباتهم الغذائية، إذ "تحولت التغذية إلى سلاح نتيجة للحصار؛ تقيِّد إسرائيل بشدة الواردات الغذائية ولا تتيح سوى سلة الحد الأدنى للعيش" (Farhat et al., 2023, p.3). وانعكس هذا النقص في التنوع الغذائي في ارتفاع معدلات فقر الدم والسمنة، وفي ممارسات تغذية الرضع، مثل انخفاض معدلات الرضاعة الطبيعية الحصرية، وارتفاع معدل استخدام الحليب الصناعي. وعلى الرغم من أن سوء التغذية المزمن لم يكن منتشراً على نطاق واسع، فإن نقاط الضعف الأساسية هذه تشير إلى أن السكان كانوا يواجهون بالفعل انعدام الأمن الغذائي مع ما يتبعه من مخاطر صحية محتملة (Checchi et al., 2023). وعلى نحو متصل، ما زالت الأمراض غير السارية منتشرة على نحو كبير بين الفلسطينيين في قطاع غزة، وإليها تُعزى ثلثا وفيات البالغين. وبسبب الحصار، لم تعد الأدوية متوفرة بأسعار معقولة، وانخفضت فرص الحصول على الرعاية المتخصصة للأمراض غير المعدية بسبب الحصار (Alkhaldi et al., 2021).

بالإضافة إلى ذلك، أظهرت الأبحاث أن الاضطرابات النفسية تمثل أحد أهم التحديات الصحية التي يواجهها الفلسطينيون، وخصوصاً في قطاع غزة، وهي تتعلق بشكل رئيسي بقوات الاحتلال الإسرائيلي، إذ لا يمكن فصل الصحة العقلية عن البيئات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وقد لا تكون المصطلحات الغربية لوصف الضائقة مثالية في جميع الحروب (Hindi, 2018; Giacaman, 2017; Tawil, 2013; Wispelwey & Jamei, 2020). وتواجه خدمات الصحة العقلية عراقيل بسبب الوصمة المحيطة بالمرض النفسي، وعدم كفاية مقدمي خدمات الصحة العقلية، لكن هناك حاجة إلى التساؤل عن طبيعة خدمات الصحة العقلية في ظروف الحرب والقمع الهيكلي هذه، وفي المجتمعات الجمعية حيث الرعاية والشفاء هي شأن مجتمعي، وليست شأناً فردياً، إذ "تهدف البرامج النفسية الاجتماعية والنفسية على مستوى الأسرة والمجتمع إلى إعادة ربط أنظمة المعاني لدى الأفراد، ونشاطات السرد النفسي والعاطفي الجماعية التي توقف مسارها وتجزئُها التجارب الصادمة المؤلمة" (Diab et al., 2018, p.321). يستخدم برنامج الصحة النفسية المجتمعية في غزة نهجاً اجتماعياً وبيئياً لتوفير خدمات الصحة النفسية، التي تتناول الوقاية الأولية والثانوية والثالثية، من خلال برامج مصممة حسب الحاجة، ويدمج في برامجه مبادئ حقوق الإنسان. وعندما تتآكل حقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية، كما هي الحال في الحروب الإسرائيلية على غزة، والحصار المستمر منذ 16 عاماً، والاستعمار الاستيطاني المستمر، فإن التركيز على استعادة الكرامة والأمن أمر بالغ الأهمية حتى بالنسبة إلى برامج الوقاية الثانوية والثالثية (Diab et al., 2018). فالرعاية النفسية والاجتماعية القوية القائمة على المجتمع ضرورية، وهي ساهمت في دعم الشفاء النفسي في غزة على مدى عقود، مع الاعتراف بأن عملية الشفاء تحدث في المجتمع، وتعزز أصوات أفراد المجتمع وآراءهم وتجاربهم (Rabaia et al., 2014; Diab et al., 2018; Diab et al., 2023).

في حين أحرز نظام الصحة العامة في غزة تقدماً، ما زالت هناك تحديات كبيرة قائمة بسبب الحصار الإسرائيلي المستمر، والهجمات العسكرية المتكررة، والنمو السكاني، وشح الموارد. ومع التأثير المدمر للحرب، يجب أن تشمل أولويات إعادة بناء قطاع الصحة في غزة معالجة هذه الفجوات، وتعزيز النظام الصحي، والتركيز على محددات الصحة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية الأوسع، وتحسين تخصيص الموارد كشرط أساسي لضمان خدمات صحية عادلة ونوعية لجميع السكان. ‎

4) إعادة بناء قطاع الصحة في غزة: هل البنية التحتية الطبية كافية؟

نحن نقول في الأقسام المذكورة أعلاه أن نظام الصحة العامة في غزة أظهر الكثير من المرونة والقدرة على التكيف مع الظروف المعيشية التي لا تطاق، والاحتياجات الصحية المرتفعة خلال الحرب، ومن ثم ساهم في تعزيز مقاومة السكان وصمودهم. لكن مما لا شك فيه أن نظام الصحة العامة عانى بشكل كبير، مثل جميع القطاعات الأُخرى في قطاع غزة؛ ففي الوقت الحالي أُبلغ أن 46 من أصل 72 منشأة رعاية صحية أولية (64%) في غزة ككل لا تعمل، لكن الأمر أسوأ في مدينة غزة (74%)، وفي شمال القطاع ككل (92%) (WHO(b), 2023). هذا يعني أن الناس ما عادوا قادرين إلى حد كبير على الحصول على الرعاية الصحية الأولية، ولا سيما النساء والأطفال والمصابين بالأمراض غير السارية الذين يتناولون الأدوية، وأنه تم تجميد البرامج الوقائية، مثل التطعيم، والمراقبة، وصحة الأم، والصحة الإنجابية، وفحص الأمراض غير السارية ومعالجتها وكل ما يتصل بها. ‎

إن وقف إطلاق النار الفوري والدائم ووقف الحرب هو الاستراتيجية الأكثر فعالية لإعادة تشغيل برامج الصحة والرفاهية على المدى القصير في غزة، كما أن إنهاء الاحتلال ضروري للحفاظ على الصحة والرفاهية على المدى الطويل، إذ من الصعب تقدير الاحتياجات في ظل استمرار الحرب. وقد أدت هذه الحرب العنيفة التي لا ترحم، حتى تاريخ التقرير، إلى نزوح عدد هائل من السكان يبلغ 1.9 مليون شخص (ما يقرب من 80% من إجمالي السكان)، معظمهم هُجروا أكثر من مرة (NRC, 2023). ومن هنا، فإننا نحث المؤتمر وجميع المعنيين بالصحة في غزة على التركيز على إعطاء الأولوية لإعادة بناء نظام الصحة العامة؛ من الأفضل تصور هذه الخطة وتنفيذها بعد الوقوف على توزيع مهارات من تبقى من العاملين في مجال الصحة العامة، ووضع خرائط للأمكنة التي يعيش فيها الناس وتحت أي ظروف، وتقييم الاحتياجات الصحية للسكان (أولاً باستخدام نهج تقييم الاحتياجات السريع، ومن ثم إجراء مسح دقيق).‏

لا شك في أن إعادة بناء البنية التحتية الطبية أمر بالغ الأهمية وضروري، لكنه ليس كافياً؛ فقط 10%-20% من النتائج الصحية على صلة بالرعاية الصحية، وتتطلب نسبة 80-90% المتبقية التركيز على المحددات الاجتماعية والاقتصادية والبيئية والتعليمية والسياسية للصحة (Magnan, 2017). وإذا كان نظام الصحة العامة في غزة ضعيفاً أو فيه عيوب، فإن الأنظمة الصحية الثانوية والثالثية ستتعرض لضغوط كبيرة، وقد ترزح تحت عبء الاحتياجات الصحية المتزايدة للسكان. كما أن إعادة بناء البنى الطبية تتطلب مجهوداً مكلفاً جداً وسيستغرق وقتاً، وستمثل خسارة كبيرة في الموارد المالية والبشرية إذا كانت هي الخيار الوحيد للرعاية الصحية. وعلى الرغم من إمكانية سد هذه الفجوة من خلال المستشفيات الميدانية، فإنها ما زالت غير قادرة على تلبية الاحتياجات الصحية الأساسية لجميع الفئات العمرية. علاوة على ذلك، وإلى جانب الاحتياجات الصحية، يجب أن يعمل النظام الصحي بشكل وثيق مع القطاعات الأُخرى التي ستؤثر ظروفها في صحة الناس ورفاهيتهم، أي الظروف الاجتماعية (عدم وجود مدارس أو الانقطاع عن التعليم، وعدم كفاية الطعام ونقص التغذية، وفقدان الأهل والأحبة، وانهيار الشبكات الاجتماعية)، والظروف البيئية (محدودية الوصول إلى المياه، وسوء نوعية المياه، وسوء الصرف الصحي والنظافة، والاكتظاظ)، والظروف الاقتصادية (القطاعات الاقتصادية المدمرة، ومحدودية فرص العمل، وزيادة عمالة الأطفال)، والظروف السياسية (الأمن، وسلامة الأحياء السكنية). إن نهج الصحة العامة سيضع إعادة بناء نظام الصحة العامة ضمن الجهد الشامل لإعادة بناء القطاعات الأُخرى وتأهيلها. ‎

على المستوى العملي، قد لا يتمكن الأشخاص الذين يحتاجون إلى الرعاية الصحية من الوصول إلى المرافق الطبية، وبالتالي فمن الأهمية بمكان أن نكون استباقيين وأن نتواصل مع الناس حيث يعيشون ويعملون ويلعبون، وخصوصاً الأطفال والنساء الحوامل والأمهات مع أطفالهن وكبار السن والجرحى والمعوقين. ويمتلك قطاع غزة، بالفعل، بنية تحتية من العاملين في مجال الرعاية الصحية المجتمعية، وباعتبارهم القوة العاملة الرئيسية في مجال الرعاية الصحية، ينبغي تعبئتهم وإعطاؤهم الأولوية على العاملين في مجال الرعاية الصحية الدوليين الذين يدخلون قطاع غزة، كما ينبغي تدريب المزيد منهم (UNRWA, 2024). كذلك يمكن تدريب الممرضات والقابلات والمساعدين الطبيين والشبان والشباب البالغين والنساء والرجال، الذين يحظون بثقة مجتمعاتهم، للعمل بهذه الصفة على تقييم الاحتياجات المعيشية والصحية والاجتماعية، وتوفير الرعاية الصحية الأساسية، وتسهيل وصول الناس إلى الخدمات الاجتماعية والصحية. وبالتالي، سيتحول أفراد هذه القوة العاملة في مجال صحة المجتمع إلى عاملين في الخطوط الأمامية يمكنهم العمل على جمع البيانات لتقييم الاحتياجات وإجراء المسوحات السكانية، فضلاً عن أنهم سيشكلون صوتاً يعبر عن السكان ككل.

باختصار، ستكون الاحتياجات الاجتماعية والاقتصادية والبيئية والصحية لسكان غزة هائلة، وستكون جهود إعادة البناء بطيئة ومكلفة. لذا، فإن تبني نهج للصحة العامة ينظر إلى هذه الاحتياجات على نحو شامل ومترابط يجب أن يكون ضرورة مطلقة، وليس ترفاً أو فكرة يمكن تركها لوقت لاحق. ‎

5) قيم وعناصر الصحة العامة كمدخل لإعادة بناء قطاع الصحة في غزة

بمجرد الاعتراف بأهمية اتباع نهج واسع النطاق للصحة العامة، يتحول العمل إلى ضمان تنفيذ قيم وعناصر هذا النهج؛ القيم الأساسية للصحة العامة هي الإنصاف الصحي والعدالة الاجتماعية، ويستلزم الإنصاف الصحي ضمان إتاحة الفرصة/القدرة للجميع لتحقيق الرفاهية المثلى (CDC, n.d.)، وهذا مستحيل بدون العدالة الاجتماعية التي تعني إزالة جميع العقبات الاجتماعية والاقتصادية والتعليمية والتجارية والسياسية التي تحول دون تحقيق الرفاهية وإعمال حقوق المجتمع والفرد. كذلك لا يمكن توفير الصحة والشفاء بدون عدالة اجتماعية (Khosla & Venkatapuram, 2023; Galea, 2018)، وإلى جانب وقف إطلاق النار المطلوب لتحقيق الصحة والرفاهية، لا بد من إنهاء الاحتلال. ‎

توجه مبادئ الصحة العامة الإجراءات اللازمة لتحقيق الانصاف الصحي والعدالة الاجتماعية. وتشمل هذه المبادئ:

‏-‏ مركزية أصوات المجتمع وسردياته - الشعب أولاً - أو النهج التشاركي الذي يقوم على أن "لا شيء يعنيني يحدث بدوني". ‎

- نهج قائم على القوة والأصول، ويركز على الكرامة، وعوامل الحماية (بدلاً من نهج يركز فقط على النقص والمشكلات وعوامل الخطر)، ويعزز الصمود وعوامل الحماية والحلول المحلية. ‎

- استراتيجيا شاملة لتقييم الصحة والرفاهية، بدلاً من التقييم المنعزل الذي يفتقر إلى الروابط بين الظروف والمحددات المتعلقة بالصحة. إن الأوبئة المركبة (Syndemics) - التي تُعرف بأنها تفاعل بين نقاط ضعف وأمراض متعددة وترابطها مع العوامل الاجتماعية أو البيئية أو الاقتصادية التي تعزز هذا التفاعل وتؤثر سلباً في الصحة - صارت اليوم معترفاً بها على نطاق واسع بأنها تساهم في زيادة عوامل الخطر والمسارات المرضية التي تتفاعل على نحو خطر ومتزايد (Singer et al., 2017). إذاً، لن تفلح الرعاية الطبية وحدها في تلبية الاحتياجات الفعلية والمحددات التي تؤثر في صحة الناس ورفاههم.

‏-‏ شراكة متعددة التخصصات ومتعددة القطاعات تجمع الخبرات في مختلف التخصصات والقطاعات والشركاء المحليين والإقليميين والدوليين وتبني عليها، سواء كانت حكومية أو غير حكومية، رسمية أو غير رسمية، من قادة المجتمع والخبراء المختصين، فالصحة غير ممكنة بدون هذه الشراكة. والهدف هو تعزيز المؤسسات العامة التي تخدم الجميع، بدلاً من المؤسسات الخاصة. ‎

- عملية أو نهج يركز على التواصل مع الخارج بدلاً من التركيز فقط على الداخل – لقاء الناس أينما كانوا بدلاً من جعلهم يأتون إلى حيث نحن.

‎-‎ مبادرة تركز على سرد القصص والأرقام باستخدام الأساليب النوعية والكمية، فالأرقام بدون قصص لا يمكن أن تؤدي إلاّ إلى فهم جزء صغير من القضية. ‎

- التركيز الاستراتيجي على الاحتياجات الإنسانية الحالية والاحتياجات التنموية الفورية والمستقبلية. إن التركيز فقط على الاحتياجات الملحة الحالية يمكن أن يعزز سلوكيات الإنقاذ ويولد الاعتماد، وهو ما يتعارض مع قيم الإنصاف الصحي والعدالة الاجتماعية.

6) الجوانب الصحية العامة للاستجابة الفورية والمتوسطة: ما هي مجالات التركيز ذات الأولوية؟

غزة بحاجة ماسة الآن إلى جميع مقومات الحياة التي دمرتها الحرب، والأولوية القصوى، التي نعتبرها شرطاً مسبقاً لتنفيذ تدخلات فعالة لإنقاذ الأرواح وتعزيز الصحة، هي وقف الحرب على قطاع غزة فوراً، وانسحاب جيش الاحتلال، ورفع الحصار، والسماح بحرية الحركة. ونظراً إلى التدمير المنهجي لمكونات سبل العيش، بما في ذلك البنية التحتية الاقتصادية والزراعية والغذائية والبلدية والصناعية والتعليمية والاجتماعية والصحية، من الصعب جداً إعطاء الأولوية لاحتياجات البقاء للسكان في غزة. ومع ذلك، فإن بعض المجالات ذات الأولوية واضحة. ‎

هناك نقص حاد في المياه؛ مثلاً، في شمال غزة، لا تتوفر إمكانية الوصول إلى المياه النظيفة، بينما في جنوب غزة، يحصل الأطفال على ما بين 1.5 إلى 2 لتر من الماء يومياً، وهو أقل من الحد الأدنى المطلوب، أي 3 لترات، لمجرد البقاء على قيد الحياة، و"وفقاً للمعايير الإنسانية، فإن الحد الأدنى لكمية المياه اللازمة في حالات الطوارئ هو 15 لتراً وتشمل مياه الشرب والغسيل والطهي" (OCHA, 2024). كما يمثل الصرف الصحي مشكلة كبيرة، لأن سوء الصرف الصحي، بسبب تدمير البنية التحتية ونقص الوقود اللازم لمضخات المياه ومعالجة مياه الصرف الصحي، يجعل هذه المهمة مستحيلة، والأمر نفسه ينطبق على إدارة النفايات الصلبة. ويخلف سوء الصرف الصحي آثاراً صحية ضارة لوحظت بشكل رئيسي من خلال زيادة حالات التهاب الكبد الوبائي (أ) التي بلّغت عنها منظمة الصحة العالمية، وهو مرض ينتقل عادة عن طريق المياه الملوثة. وتنتشر بسرعة الأمراض المعدية، وخصوصاً أمراض الإسهال والتهابات الجهاز التنفسي العلوي، وحتى 11 كانون الثاني/ يناير 2024، جرى التبليغ عن أكثر من 150 ألف حالة إسهال، ومن هذه الحالات، أكثر من 80 ألف حالة بين الأطفال دون سن الخامسة، أي بزيادة قدرها 23 ضعفاً عن خط الأساس لعام 2022 (WHO, 2024).

فيما يتعلق بالأمراض المزمنة، هناك أكثر من 350 ألف حالة في ظل النقص في الأدوية والخدمات الطبية أو توفر الحد الأدنى منها، وبين هؤلاء المرضى 225 ألف مصاب بارتفاع ضغط الدم، و71 ألف مصاب بالسكري، و45 ألف مصاب بأمراض القلب والأوعية الدموية، و2000 حالة سرطان تُشخص سنوياً، و1100 مريض غسيل كلوي. ويؤثر انعدام الأمن الغذائي في 2.2 مليون نسمة في قطاع غزة، بما في ذلك الأطفال والنساء الحوامل. ويمكن للشركاء ومنظمات التغذية تلبية فقط ربع الاحتياجات الغذائية للأطفال الذين يعانون جرّاء سوء التغذية، وللأمهات الضعيفات، خلال الشهرين القادمين، إذا لم يتم اتخاذ إجراءات فورية وشاملة (WHO, 2024; OCHA, 2024).

ينبغي أن تشكل الإصابات الجسدية والعقلية الناجمة عن الحرب أولوية قصوى في أي خطة استجابة وجهود لإعادة بناء قطاع الصحة، ذلك بأن العدد الهائل من الأطفال ذوي الإعاقة سيشكل عبئا كبيراً على النظام الصحي والاجتماعي مستقبلاً في غزة. ويتطلب تخفيف هذا العبء وتلبية هذه الحاجة المتزايدة للرعاية المتخصصة اتخاذ تدابير استثنائية للأطفال المتضررين وأسرهم، من حيث تأمين العلاج والدعم النفسي والاجتماعي وإعادة الإدماج في قطاعي التعليم والتوظيف. ‎

لم تتكشف بعد الأضرار العاطفية والعقلية التي تفوق كل قدرة على الاحتمال لما يشهده سكان غزة. والخسارة غير المسبوقة في الأرواح وسبل العيش، وتدمير المنازل، والحرمان من الاحتياجات الأساسية، وتفاقم نواحي الضعف، ستؤثر في الصحة العقلية ورفاهية السكان لأجيال قادمة. ويستدعي الوضع الحالي بذل جهود موحدة من قبل جميع أصحاب المصلحة المعنيين للمساهمة في إعادة بناء قطاع الصحة في غزة لضمان عدم إغفال الصحة النفسية، وتغطية جميع جوانبها، من خلال استراتيجية شاملة تلبي احتياجات خطط رعاية الصحة العقلية ودعمها على المديين القصير والطويل، بعيداً عن اضطراب ما بعد الصدمة الغربي النموذجي، مع التركيز على الأساليب المجتمعية الأكثر ملاءمة للسياق.

تؤكد الروايات عن فلسطين على الصمود، كجزء من الخطاب حول الصحة النفسية، لكن الصمود/المرونة التي يتم الحديث عنها ليست كما يعرفها المفهوم الغربي، إذ أكدت الكتابات الحديثة على المرونة كمفهوم محدد السياق يأتي من تجربة مشتركة للعنف/الاضطهاد (Marie et al., 2018) تتيح "تطبيع ما هو غير طبيعي" (Nguyen-Gillham et al., 2008). وفي السياق الفلسطيني، هي مفهوم جماعي ويوصف بأنه "يتأرجح على نحو متواصل بين الراحة والمرض ذهاباً وإياباً بصورة يومية اعتماداً على درجة وشدة ومدى استمرارية الانتهاك والقدرة على التحمل والمقاومة" (Giacaman, 2019, p.e370). من ثم، ترتبط القدرة على الصمود بالقدرة على التحكم بالأمور، وبالتجربة الجماعية للعنف والشفاء الجماعي، وبالارتباط بالأرض وبالضرورة الأخلاقية الجماعية لمقاومة المحتل (Giacaman, 2019). إن البناء الأساسي للمرونة في السياق الفلسطيني هو مفهوم الصمود الذي يعني الثبات والتجذر في الأرض (Nguyen-Gillham et al., 2008; Hammad & Tribe, 2021). لقد أوضح الخطاب عن الصمود أيضاً أن أي مناقشة للصمود من دون المطالبة بالعدالة الاجتماعية والتحرر لن تؤدي إلاّ إلى تعزيز الاستعمار والعنف والاضطهاد (Giacaman, 2019; van de Pas et al., 2027).

تحظى غزة بموارد بشرية صحية مؤهلة وذات خبرة، بمن في ذلك العاملون في مجال الصحة المجتمعية، ومن الضروري الاستفادة من ذلك، وتحريك الموارد لدعمهم في تنفيذ جميع وظائف الصحة العامة للحفاظ على نظام صحي متين وبنائه في الوقت الحالي وفي المستقبل. ولا بد من العمل مع مقدمي الرعاية الصحية في غزة لإجراء تقييم سريع للاحتياجات، وممارسة الضغط للسماح بدخول جميع الإمدادات اللازمة والمعدات والموارد البشرية الصحية المتخصصة التطوعية، واستئناف تدريب الموارد البشرية في مجال الصحة العامة في غزة، بمن فيهم المتطوعون المحليون، للتكيف مع الوضع والاحتياجات الحالية.

في مواجهة سنوات من الحصار والهجمات المتواصلة، والتحديات الاقتصادية، والتعقيدات السياسية، أظهر شعب غزة قدرة استثنائية على الصمود والتكيف. إن هذه القدرة على الصمود متجذرة بعمق في الشبكات المجتمعية القوية داخل غزة كما هي الحال في فلسطين على نطاق أوسع، فقد بنت الأسر والأحياء روابط قوية من الدعم المتبادل والتعاون. ومع ذلك، وبينما يتجلى الصمود، من الضروري مواجهة الأسباب الجذرية التي تطلبت الصمود والدعوة إلى حلول مستدامة تعالج تلك الأسباب الجذرية. ‎

في الختام، إننا نرى أن نهج الصحة العامة لإعادة بناء قطاع الصحة في غزة لا ينبغي أن يكون قابلاً للتفاوض، وعلى المجتمع الدولي تقديم دعم عاجل لا لبس فيه للنظام الصحي في غزة. علاوة على ذلك، يجب أن تنتهي الهجمات الإسرائيلية والحصار المفروض على غزة التي أعاقت بشدة إمكانية الوصول إلى خدمات الرعاية الصحية الأساسية. وقد أدى ذلك إلى تفاقم الضغط على الموارد، ليؤدي بدوره إلى تفاقم أزمة الصحة العامة. لذلك، تعد زيادة الدعم والتدخل الدوليين على نحو يستجيب للحلول المجتمعية المحددة محلياً، ضرورة أخلاقية من أجل نظام صحي عام شامل يعالج الجوانب الصحية الجسدية والعقلية والبيئية والاجتماعية والسياسية. وعلى المجتمع الدولي أن يتخذ إجراءات حاسمة لتوفير المساعدات المستدامة، والاستجابة للاحتياجات الفورية والعواقب الطويلة المدى للهجمات على نظام الصحة العامة في غزة، وهذا يتطلب توحيد الجهود وتنسيقها بين جميع الشركاء، سواء كانوا داخليين أو خارجيين، عبر مختلف القطاعات. إنها مسؤوليتنا الجماعية تجاه الإنسانية أن نسعى نحو مستقبل يستطيع فيه شعب غزة، وفي فلسطين على نطاق أوسع، العيش في سلام وكرامة مع القدرة على تقرير المصير.

 

References:

AlKhaldi, M., Abuzerr, S., Obaid, H. A., Alnajjar, G., Alkhaldi, A., & Alkaiyat, A. (2020). Social Determinants of Health in Fragile and Conflict Zones Before and During Coronavirus Pandemic: the Focus on the Gaza Strip. Handbook of Healthcare in the Arab World. Springer International Publishing. 

Al Moghany, R. (2020). Contribution of the International Agencies to Supporting the Resilience of Health Care System in the Gaza Strip. Dissertation. [Master’s thesis, Al Quds University]. Al-Quds University.

Checchi, F., Jamaluddine, Z. Campbell, O. (2023). War in the Gaza Strip: Public Health Situation Analysis. Health in Humanitarian Crises Centre London School of Hygiene and Tropical Medicine.

Cheng, P., Yin, P., Ning, P., Wang, L., Cheng, X., Liu, Y., Schwebel, D. C., Liu, J., Qi, J., Hu, G., & Zhou, M. (2017). Trends in traumatic brain injury mortality in china, 2006–2013: A population-based longitudinal study. PLoS Medicine, 14(7), e1002332.

Centers for Disease Control and Prevention. (n.d.). What is Health Equity?

DeAngelis, T. (2017, November). Trends report: Targeting social factors that undermine health. American Psychological Association. 

Defense Health Hub (n.d.). What is physical health? Defense Hub.

Diab, M., Veronese, G., Jamei, Y. A., Hamam, R., Saleh, S., & Kagee, A. (2018). Community work in the ongoing crisis context of gaza: Integrating a public health and human rights approach. Australian and New Zealand Journal of Family Therapy, 39(3), 320-330.

Diab, M., Veronese, G., Abu Jamei, Y., Hamam, R., Saleh, S., Zeyada, H., & Kagee, A. (2023). Psychosocial concerns in a context of prolonged political oppression: Gaza mental health providers’ perceptions. Transcultural Psychiatry, 60(3), 577-590.

Euro-Med Human Rights Monitor. (2024, February 23). Statistics on the Israeli attack on the Gaza Strip (07 October - 23 February 2024).

Farhat, T., Ibrahim, S., Abdul-Sater, Z., & Abu-Sittah, G. (2023). Responding to the humanitarian crisis in gaza: Damned if you do… damned if you don’t. Annals of Global Health, 89(1), 53-53.

Galea, S. (2018, May 11). Why there can be no health without social justice. Boston University School of Public Health. 

Gaza Strip - Statistics and Facts. (2023). Statista.

Giacaman, R. (2017). Social suffering, the painful wounds inside. American Journal of Public Health, 107(3), 357-357.

Giacaman, R. (2020). Reflections on the meaning of ‘resilience’in the Palestinian context. Journal of Public Health, 42(3), e369-e400. https://doi.org/10.1093/pubmed/fdz118

Hindi, E. (2018). A Revised Biosocial Analysis to Social Suffering: Reframing a Paradigm on Mental Health for Palestinians Living Under Trauma (Publication No. 28275661) [Master’s thesis, Harvard University]. ProQuest Dissertations Publishing.

Holt-Lunstad, J., Smith, T. B., & Layton, J. B. (2010). Social Relationships and Mortality Risk: A Meta-analytic Review. PLoS medicine, 7(7), e1000316. https://doi.org/10.1371/journal.pmed.1000316

International Committee of the Red Cross. (2023, November 02). The protection of hospitals during armed conflicts: What the law says. https://www.icrc.org/en/document/protection-hospitals-during-armed-conflicts-what-law-says#:~:text=According%20to%20international%20humanitarian%20law,staff%20and%20means%20of%20transport

International Humanitarian Law Databases. (n.d.). Rule 53. Starvation as a method of warfare. International Committee of the Red Cross. https://ihl-databases.icrc.org/en/customary-ihl/v1/rule53

Jawad, M., Hone, T., Vamos, E. P., Cetorelli, V., & Millett, C. (2021). Implications of armed conflict for maternal and child health: A regression analysis of data from 181 countries for 2000–2019. PLoS Medicine, 18(9), e1003810. https://doi.org/10.1371/journal.pmed.1003810

Khosla, R., & Venkatapuram, S. (2023). What is a justice-oriented approach to global health?BMJ global health8(3), e012155. https://doi.org/10.1136/bmjgh-2023-012155

Magnan, S. (2017). Social Determinants of Health 101 for Health Care: Five Plus Five. (Discussion Paper). National Academy of Medicine, Washington, DC. https://doi.org/10.31478/201710c

Medecins Sans Frontieres. (2023, October). Palestine: Healthcare workers in Gaza confront stress on the frontlines

Norwegian Refugee Council. (2023, December 26). Gaza: Forced and protracted displacement of Palestinians would constitute a serious breach of international law and an atrocity crime

Nguyen-Gillham, V., Giacaman, R., Naser, G., & Boyce, W. (2008). Normalising the abnormal: Palestinian youth and the contradictions of resilience in protracted conflict. Health & Social Care in the Community, 16(3), 291-298.

Palestine Chronicle Staff. (2023, November 14). Israeli Attacks on Gaza’s Healthcare System Should Be Investigated – Human Rights Watch

Palestinian Health Information Center. (2019). Health Annual Report Palestine 2018. State of Palestine Ministry of Health. 

Rabaia, Y., Saleh, M. F., & Giacaman, R. (2014). Sick or sad? Supporting Palestinian children living in conditions of chronic political violence. Children & Society, 28(3), 172-181.

Reuters. (2023, October 7). Timeline of conflict between Israel and Palestinians in Gaza

Rosenthal, F. S. (2021). A comparison of health indicators and social determinants of health between israel and the occupied palestinian territories. Global Public Health, 16(3), 431-447.

Singer, M., Bulled, N., Ostrach, B., & Mendenhall, E. (2017). Syndemics and the biosocial conception of healthLancet (London, England)389(10072), 941–950. https://doi.org/10.1016/S0140-6736(17)30003-X

Substance Abuse and Mental Health Services Administration. (2023, April 24). What is Mental Health?.

Tawil, S. (2013). No end in sight: Moving towards a social justice framework for mental health in continuous conflict settings. Intervention, 11 (1), 24-36. 

United Nations International Children's Emergency Fund. (2019, December 26). Gaza clinics on front line in fight to prevent health system collapse

United Nations (a). (2023, December 8). Stories of courage and dedication: Humanitarians on Gaza’s front line.

United Nations. (2024, January 5). Nearly 600 attacks on healthcare in Gaza and West Bank since war began: WHO

United Nations Relief and Works Agency for Palestine Refugees in the Near East. (2019, January 29). Occupied Palestinian Territory Emergency Appeal 2019. UNRWA.

United Nations Relief and Works Agency for Palestine Refugees in the Near East. (2024, February 13). UNRWA at the frontlines: managing health care in Gaza during catastrophe. UNRWA.

United Nations (b). (2023, November 13). UN honours 101 staff killed in Gaza conflict.

United Nations Office for the Coordination of Humanitarian Affairs. (2020, October). Deterioration in the mental health situation in the Gaza Strip.

United Nations Office for the Coordination of Humanitarian Affairs. (2023, October 24). Hostilities in the Gaza Strip and Israel | Flash Update #18.

Van Den Berg, Maartje M., Khader, A., Hababeh, M., Zeidan, W., Pivetta, S., El-Kader, M. A., Al-Jadba, G., & Seita, A. (2018). Stalled decline in infant mortality among palestine refugees in the gaza strip since 2006. PloS One, 13(6), e0197314-e0197314.

Van de Pas, R., Ashour, M., Kapilashrami, A., & Fustukian, S. (2017). Interrogating resilience in health systems development. Health policy and Planning, 32(suppl_3), iii88–iii90.

Wispelwey, B., & Jamei, Y. A. (2020). The great march of return: Lessons from Gaza on mass resistance and mental health. Health and Human Rights, 22(1), 179-186.

World Health Organization Health Cluster. (2024). occupied Palestinian territory.

World Health Organization (a). (2023, October 17). Health Promotion.

World Health Organization (b). (2023, October 26). WHO Operational Response Plan: occupied Palestinian territory

World Health Organization. (1946). Constitution of the World Health Organization.

World Health Organization. (2024). Surveillance System for Attacks on Health Care (SSA).

World Health Organization. (2018, May 18). Gaza: frontline health care innovation saves lives and reduces hospital load

Zerrouky, M. (2023, October 13). Le Monde. In Gaza, Palestinian journalists are on the front line.

عن المؤلف

مارتين نجم: حائز على ماجستير في الصحة العامة - مركز ممارسة الصحة العامة، كلية العلوم الصحية في الجامعة الأميركية في بيروت.

عبد اللطيف الحسيني: حائز على دكتوراه وماجستير في الصحة العامة، وهو أستاذ في معهد الصحة المجتمعية والعامة في جامعة بيرزيت. ‎

يحيى عابد: حائز على بكالوريوس في الطب والجراحة، وماجستير في الصحة العامة، ودكتور في الصحة العامة من كلية الصحة العامة في جامعة القدس.

روان حامد: حائزة على بكالوريوس - مركز ممارسة الصحة العامة، كلية العلوم الصحية في الجامعة الأميركية في بيروت.‏

إيمان نويهض: طبيب يحمل دكتوراه في الصحة العامة وأستاذ في كلية العلوم الصحية في الجامعة الأميركية في بيروت.

ريما عفيفي: حائزة على دكتوراه وماجستير في الصحة العامة، وأستاذة في كلية الصحة العامة في جامعة أيوا، وأستاذة مساعدة في كلية العلوم الصحية في الجامعة الأميركية في بيروت. ‎

عدنان حماد: حائز على دكتوراه. وهو الرئيس والمدير التنفيذي لمجموعة أبحاث الصحة العالمية وإدارتها وحلولها Global Health ResearchManagement & Solutions,

عائشة جمعان: حائزة على ماجستير في الصحة العامة، ودكتوراه، وهي رئيسة المؤسسة اليمنية للإغاثة وإعادة الإعمار.