تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
Statement
كلمة المفوض العام للأونروا فيليب لازاريني في الاجتماع الثالث للتحالف الدولي لتنفيذ حل الدولتين
المصدر
وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطيين في الشرق الأدنى
التاريخ

 

معالي وزير الخارجية بارث إيدي،

معالي رئيس الوزراء محمد مصطفى،

زملائي، السيدات والسادة الأعزاء،

 

في غضون أسبوعين فقط، سيدخل قانونان يهدفان إلى إنهاء عمليات الأونروا في الأرض الفلسطينية المحتلة حيز التنفيذ.

إن التنفيذ الكامل لهذين القانونين سيمنع الأونروا من العمل في "الأراضي ذات السيادة الإسرائيلية" ويحظر الاتصال بين السلطات الإسرائيلية والوكالة.

وتعني "الأراضي ذات السيادة الإسرائيلية" بالنسبة لحكومة إسرائيل القدس الشرقية المحتلة، وهذا يتناقض مع القانون الدولي والقرارات ذات الصلة الصادرة عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة والجمعية العامة.

إن سياسة عدم الاتصال ستنهي فعليًا حالة عدم الاشتباك لضمان التحركات والتنقلات الآمنة في غزة.

كما أنها ستحرم الموظفين الدوليين من تأشيرات الدخول والعمل في الأرض الفلسطينية المحتلة.

وسيضطر هؤلاء الموظفون إلى الانسحاب مع الاعتراض.

ومع ذلك فإننا سوف نبقى ونقدم خدماتنا.

سيبقى موظفو الأونروا المحليون وسيواصلون تقديم المساعدة في حالات الطوارئ والتعليم والرعاية الصحية الأولية حيثما أمكن ذلك.

بيد أن الاستمرار في العمل سيكون محفوفًا بمخاطر شخصية كبيرة بالنسبة لزملائنا الفلسطينيين.

ويرجع هذا إلى بيئة العمل المعادية بشكل استثنائي التي أوجدها تجاهل إسرائيل للقانون الدولي وحملة التضليل الشرسة ضد الوكالة.

لقد استثمرت حكومة إسرائيل موارد مالية ودبلوماسية كبيرة في حملات لتصوير الأونروا كمنظمة إرهابية، وتصوير موظفينا كإرهابيين أو متعاطفين مع الإرهابيين.

إن عبثية هذه الادعاءات لا تقلل من التهديد الذي تشكله لموظفينا، الذين يتعرضون للترهيب والمضايقة بشكل متزايد من قبل السلطات الإسرائيلية.

إن عدم القدرة على العمل بأمان، مع مراعاة الاحترام الكامل لامتيازات وحصانات الأمم المتحدة، من شأنه أن يقوض فعالية عمليات الأونروا وثقة مانحينا.

إن انهيار الوكالة - سواء كان فوريًا أو تدريجيًا - لن يؤدي إلا إلى تفاقم المعاناة الهائلة في غزة.

فالأونروا وموظفيها وخدماتها مترابطون سوياً وبإحكامٍ ضمن النسيج الاجتماعي في غزة.

ومن شأن تفكك الوكالة أن يزيد من انهيار النظام الاجتماعي.

أما في الضفة الغربية، فإن إضعاف الأونروا من شأنه أن يؤدي إلى مزيد من عدم الاستقرار.

وفي مختلف أنحاء الأرض الفلسطينية المحتلة، فإن تفكيك الأونروا بعيداً عن عملية سياسية من شأنه أن يلحق ضرراً بصورة لا رجعة فيها على حياة ومستقبل الفلسطينيين.

كما أنه سوف يطمس ثقتهم في المجتمع الدولي وأي عملية سياسية يرعاها.

فكيف لنا نحن كمجتمع دولي أن نفسر للفلسطينيين أن تشريعاً محلياً يمنع وكالة تابعة للأمم المتحدة من إنقاذ الأرواح وتوفير الخدمات الأساسية؟

وكيف نفسر أن التفويض الذي أسندته الجمعية العامة يمكن أن يلغي من قبل برلمان محلي؟

 

الزملاء والزميلات والأعزاء،

يكمن الخيار بشكل واضح وجلي أمامنا.

فإما أن نسمح للأونروا بالانهيار نتيجة لتشريعات الكنيست وتعليق التمويل من قِبَل المانحين الرئيسيين.

أو أن نسمح للوكالة بإنهاء ولايتها تدريجياً في إطار عملية سياسية، وضمان التمويل الكافي للخدمات الأساسية مثل التعليم والرعاية الصحية الأولية.

وتؤيد مبادرة التحالف الدولي بشكل صحيح الانتقال السياسي المنظم.

فمن خلال حماية دور الأونروا كمقدم لخدمات عامة، وخاصة التعليم والرعاية الصحية الأولية، أثناء فترة الانتقال السياسي، فإننا نهيئ الأرضية للمؤسسات الفلسطينية المتمكنة لتولي زمام هذه الخدمات.

ولا بد لي أن أكرر هنا أن ولاية الأونروا كان من المفترض دائما أن تكون مؤقتة.

وكان من المتوقع عند إنشاء الوكالة أن تسلم خدماتها في نهاية المطاف إلى إدارة فلسطينية؛ وأن تشكل قوتها العاملة من المعلمين والمعلمات والأطباء والطبيبات والممرضين والممرضات وغيرهم العمود الفقري للخدمة المدنية الفلسطينية في المستقبل.

وعلى الرغم من التغييرات العديدة التي أحدثتها عقود من الزمن منذ تأسيس الأونروا، فإن هذا الالتزام لم يتغير.

وخلال الأشهر الماضية، عملت أفرقة الصحة والتعليم من الوكالة على التواصل بشكل وثيق مع نظرائهم في رام الله لتحديد كيفية تلبية الاحتياجات المتزايدة للناس في الأرض الفلسطينية المحتلة.

فالأونروا هي أكبر مزود للرعاية الصحية الأولية في غزة، وثاني أكبر مزود في الضفة الغربية.

وقد ساعدت الوكالة على مواصلة تقديم الخدمات الصحية وتعزيز النظام الصحي في الأرض الفلسطينية المحتلة.

وحتى هذا اليوم في غزة، فلا تزال الأونروا تجري ما يقرب من 17,000 استشارة صحية كل يوم.

وتركز الأونروا ووزارة الصحة في رام الله الآن على تعزيز التعاون في مجالات رئيسية مثل الأمراض غير المعدية، وصحة الأم والطفل، فضلاً عن الصحة النفسية والدعم النفسي والاجتماعي.

كما أن للأونروا دورًا محوريًا لتؤديه في مجال التعليم.

يعيش في غزة اليوم 650 ألف فتاة وفتى بين الركام والأنقاض، لا يتعلمون شيئاً سوى كيفية البقاء على قيد الحياة.

لقد فقدوا بالفعل أكثر من عامين من التعلم.

وفي غياب دولة كاملة، فإن الأونروا وحدها لديها القدرة على إعادة هؤلاء الأطفال إلى التعلم.

يقدر الفلسطينيون التعليم تقديراً عالياً.

فهو مصدر فخر هائل، ويمثل القيمة الوحيدة التي لم يتم حرمانهم منها.

وإذا فشلنا في استئناف التعليم في غزة، والحفاظ عليه في الضفة الغربية، فإننا سنضحي بجيل كامل من الأطفال الفلسطينيين.

وسوف يكون لهذا عواقب وخيمة على مستقبل الشعب الفلسطيني، وعلى الدولة الفلسطينية.

إن الأونروا ملتزمة بمواصلة العمل مع وزارة التربية والتعليم العالي لضمان أن يكون الحق في التعليم حقيقة واقعة لكل طفل في الأرض الفلسطينية المحتلة.

في غزة، سنعطي الأولوية لإعادة الأطفال إلى التعليم الأساسي من خلال آليات مثل أماكن التعلم المؤقتة.

وفي العامين المقبلين، ستعمل وزارة التربية والتعليم العالي والأونروا بشكل مشترك على تطوير استراتيجية شاملة لبناء القدرات تركز على تدريب المعلمين فضلاً عن دمج الصحة النفسية والدعم النفسي والاجتماعي في الأنشطة التعليمية.

وعلى مدى السنوات الثلاث إلى الخمس المقبلة، ستركز شراكتنا على إعادة بناء البنية التحتية التعليمية في غزة، وموائمة الأنظمة الإدارية للتسجيل، وإصدار الشهادات، وضمان الجودة.

وسيكفل هذا النهج التدريجي الانتقال السلس لقدرات الأونروا التعليمية إلى المؤسسات الفلسطينية المهيأة.

 

الزملاء والزميلات والأعزاء،

إن التحديات التي تواجهنا هائلة.

وإنني على قناعة بأننا لا نستطيع أن ننتصر إلا بالتمسك بمبادئ التعددية والنظام الدولي القائم على القواعد.

إن الأونروا أداة قوية لضمان انتقال سياسي قابل للتطبيق.

لذلك أحثكم على بذل قصارى جهدكم لحماية الوكالة من الهجمات السياسية والتحديات المالية التي تهدد بإنهاء عملها المنقذ للحياة بشكل مفاجئ.

وعلى الرغم من أن الوقت المتبقي لدينا قليل للغاية، فلا يمكننا تحمل خذلان التطلعات الفلسطينية.

 

شكرا لكم.