تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
خطاب
كلمة المفوض العام للأونروا فيليب لازاريني في المؤتمر الوزاري لدعم الاستجابة الإنسانية في غزة
المصدر
وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطيين في الشرق الأدنى
التاريخ

والذي تستضيفه جمهورية مصر العربية والأمم المتحدة

القاهرة

معالي وزير الخارجية السيد بدر عبد العاطي،

سعادة نائبة الأمين العام للأمم المتحدة السيدة أمينة محمد،

معالي رئيس مجلس الوزراء السيد مصطفى مدبولي،

أصحاب المعالي والعطوفة والسعادة،

السيدات والسادة،

بينما نجتمع اليوم في القاهرة، فإن الفلسطينيون في غزة يحاصرهم كابوس مرعب.

فقد أفادت التقارير بمقتل أكثر من 44,000 شخص 70 بالمائة منهم من النساء والأطفال.

كما أن هنالك آلاف آخرون في عداد المفقودين تحت الركام والأنقاض.

أما أولئك الذين لم يقتلوا بالقصف فيقعون ضحية الجوع والمرض.

وفي خضم هذا البؤس المستمر، تظل الأونروا العمود الفقري للاستجابة الإنسانية.

فقد دفعنا ثمنًا باهظًا، حيث قُتل 249 موظفًا خلال 13 شهرًا.

إن الاستجابة الإنسانية الدولية في غزة تمر الآن باختبار عسير.

حيث أجبرنا انهيار النظام المدني العام على إيقاف تسليم المساعدات عبر معبر كرم أبو سالم، وهذه تمثل ضربة أخرى لسكان غزة اليائسين.

لا يمكن للعمل الإنساني أن ينجح إلا عندما يكون محميًا بإطار قانوني وسياسي دولي قوي.

وبدون هذا الإطار، فلا يمكن للعاملين في المجال الإنساني، مهما تحلوا بالشجاعة والإيثار، البقاء وتقديم المساعدات.

إنها مسؤولية الدول الأعضاء في ضمان الظروف اللازمة والملائمة للعمليات الإنسانية الآمنة والفعالة.

 

أصحاب المعالي والعطوفة والسعادة،

غالبًا ما أُسأل لماذا لا يمكن استبدال الأونروا في غزة.

إن البنية التحتية الواسعة للوكالة وآلاف الموظفين تجعلها مكونًا رئيسيًا للاستجابة للطوارئ.

ولكن هذا ليس السبب الوحيد، أو حتى الأساسي.

فقد قدمت الأونروا على مدى 75 عامًا خدمات عامة مثل التعليم والرعاية الصحية للاجئي فلسطين في الأرض الفلسطينية المحتلة، ولبنان، وسوريا، والأردن.

وقبل الحرب في غزة، كان برنامجنا التعليمي يوفر التعليم الأساسي المجاني لأكثر من نصف مليون فتاة وصبي في 700 مدرسة في جميع أنحاء المنطقة.

وكان برنامج التعليم في غزة هو الأكبر من نوعه، حيث التحق به حوالي 300 ألف طفل في 200 مدرسة تابعة للأونروا في مختلف أنحاء قطاع غزة.

إن التعليم الذي نقدمه يعزز التسامح واحترام الهوية الثقافية.

كما أنه يدافع عن حقوق الإنسان والمساواة بين الجنسين.

يقدر الفلسطينيون التعليم تقديراً كبيرًا، فهو يمثل القيمة والميزة الوحيدة التي لم يحرموا منها حتى الآن.

أما برنامج الأونروا للرعاية الصحية فيوفر الرعاية الصحية الأولية الشاملة للملايين من لاجئي فلسطين في مختلف أنحاء المنطقة.

إننا فخورون بتحقيق التطعيم الشامل في مجتمعات لاجئي فلسطين، حتى أننا تجاوزنا معدلات التطعيم في أوروبا وأمريكا الشمالية العام الماضي، قبل الحرب في غزة.

وإلى جانب خدماتنا الإنسانية وخدمات التنمية البشرية، فإن الأونروا هي أيضاً الحافظة والمشرفة على التاريخ والهوية الفلسطينية.

فمنذ إنشائها، عملت الوكالة على المحافظة والتحديث لملفات العائلات للاجئي فلسطين المسجلين لديها.

وتتكون هذه الملفات من حوالي 30 مليون وثيقة وتمتد إلى خمسة أجيال.

وهذه الملفات توثق كل شيء بدءا من تركيبة الأسرة إلى مكان النشأة إلى ظروف النزوح في عام 1948.

وقد نجحنا في استخراج كل هذه الملفات من غزة وحفظها في أرشيف رقمي.

فهذا ضروري لحماية حقوق لاجئي فلسطين بموجب القانون الدولي.

ومن خلال توفير الخدمات التي تدفع عجلة التنمية البشرية وتحمي الحقوق الأساسية، والاعتراف بوضع لاجئي فلسطين، تجسد الأونروا التزام المجتمع الدولي بمعالجة محنة لاجئي فلسطين.

إن تفكيك الوكالة من دون حل سياسي لا يؤدي فقط إلى حرمان الملايين من لاجئي فلسطين من الخدمات الأساسية - بل إنه يقضي أيضًا على الشاهد على الأهوال والمذلات التي لا تعد ولا تحصى التي تحملوها، ويمحو جزءًا من تاريخهم.

 

أصحاب المعالي والعطوفة والسعادة،

سيكون لتنفيذ التشريع الإسرائيلي في الكنيست لإنهاء عمليات الأونروا في الأرض الفلسطينية المحتلة عواقب وخيمة.

ففي غزة، سيؤدي تفكيك الأونروا إلى انهيار الاستجابة الإنسانية للأمم المتحدة.

إن قضية التعليم غائبة بشكل صارخ عن المناقشات حول غزة بدون الأونروا.

وفقط يمكن لدولة أو إدارة عامة متمكنة القدرة على تولي مسؤولية توفير التعليم لمئات الآلاف من الأطفال المصابين بصدمات نفسية في غزة.

وإذا لم يتم إعطاء الأولوية للعودة إلى التعلم، فسوف يُحرم جيل كامل من الحق في التعليم.

وسيتم التضحية بمستقبلهم، وزرع بذور التهميش والتطرف.

إن الوكالة فريدة من نوعها بين المنظمات الدولية والكيانات التابعة للأمم المتحدة في أنها تقدم بشكل مباشر خدمات عامة لمجتمع بأكمله.

قبل الحرب، كانت الأونروا تلبي ما بين 70 إلى 80 بالمائة من احتياجات الرعاية الصحية الأولية في غزة.

وما زلنا نقدم 16,000 استشارة طبية كل يوم، وهذا يعني تقديم نصف مليون استشارة شهريًا.

ولا يمكن لأي منظمة أو وكالة أخرى أن تتولى هذه الوظائف والمهام بالحجم والنطاق المطلوب.

أصحاب المعالي والعطوفة والسعادة،

إذا كانت أولويتنا العاجلة والجماعية تتمثل بدعم الاستجابة الإنسانية في غزة وتسهيل التوصل إلى حل سياسي دائم، فإنني أحثكم على القيام بما يلي:

أولاً، استخدام كل الأدوات القانونية والسياسية المتاحة لمنع تنفيذ تشريع الكنيست لإنهاء عمليات الأونروا.

ثانياً، حماية وصون دور الوكالة خلال المرحلة الانتقالية الطويلة والمؤلمة حتماً من مرحلة وقف إطلاق النار إلى "اليوم التالي".

وهذا سوف يتطلب دعماً سياسياً ومالياً قوياً.

إن المبادرات من مثل "التحالف الدولي لتنفيذ حل الدولتين" يمكن أن تساعد في تحديد مسار سياسي قابل للتطبيق من شأنه أن يحل قضية فلسطين.

وحتى ذلك الحين، أحثكم على الدفاع عن الدور الذي لا غنى عنه للأونروا في حياة الملايين من لاجئي فلسطين.

شكرا لكم.