تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
Statement
كلمة المفوض العام للأونروا فيليب لازاريني أمام اللجنة الرابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة
المصدر
وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطيين في الشرق الأدنى
التاريخ

نيويورك

السيدة الرئيسة،

أصحاب المعالي والعطوفة والسعادة،

 

هذه أوقات خطيرة على الأونروا، وعلى 33,000 موظف لدينا، وعلى الملايين من لاجئي فلسطين الذين نخدمهم.

إن خطر انهيار الوكالة يهدد حياة ومستقبل الأفراد والمجتمعات، واستقرار المنطقة، وسلامة نظامنا المتعدد الأطراف.

ففي تحدٍ صريح لميثاق الأمم المتحدة، وقرارات الجمعية العامة ومجلس الأمن، والأوامر الملزمة لمحكمة العدل الدولية، تعمل دولة إسرائيل من جانب أحادي على تغيير المعايير الراسخة لحل النزاع الفلسطيني الإسرائيلي.

في الشهر الماضي، أقر البرلمان الإسرائيلي تشريعًا يمكن أن ينهي عمليات الأونروا في الأرض الفلسطينية المحتلة في فترة أقل من ثلاثة أشهر.

وهذا من شأنه أن يحقق هدفًا تم التعبير عنه صراحًة للحرب في غزة.

 

السيدة الرئيسة،

إن الأونروا، وهي وكالة فريدة من نوعها بين وكالات الأمم المتحدة، مكلفة بتقديم خدمات شبيهة بخدمات القطاع العام وعلى نحو مباشر، بما في ذلك التعليم لأكثر من نصف مليون طفل، وكذلك الرعاية الصحية الأولية.

وتقدم الوكالة خدمات التنمية البشرية للاجئي فلسطين في ظل غياب دولة فلسطينية.

وخلال النزاعات، تقدم الأونروا أيضًا المساعدة الإنسانية لكافة المحتاجين.

بيد أن الأونروا اليوم قد أصبحت ضحية للحرب في غزة.

فقد قُتل ما لا يقل عن 243 من موظفي الأونروا.

واعتقل آخرون والذين أفادوا بتعرضهم للتعذيب.

كما تضرر أو دمر أكثر من ثلثي مباني الأونروا.

وكذلك وردت مزاعم بأن الجماعات المسلحة الفلسطينية، بما في ذلك حركة حماس، والقوات الإسرائيلية، استخدمت مباني الأونروا لأغراض عسكرية.

لقد أدنت بشدة وبشكل متكرر وعلني هذا الاستخدام المزعوم لمباني الأونروا.

وإنني أواصل الدعوة إلى المساءلة عن الهجمات على موظفي الأمم المتحدة ومقارها وعملياتها من خلال تحقيق مستقل في هذه الانتهاكات.

 

أصحاب المعالي والعطوفة والسعادة،

بالإضافة إلى الهجمات داخل الأرض الفلسطينية المحتلة، تعرضت الوكالة أيضًا لحملة تضليل عالمية شرسة.

وتركزت الضغوط المكثفة من قبل حكومة إسرائيل والجماعات التابعة لها على استهداف البرلمانات والحكومات في البلدان المانحة الرئيسية.

ويتم تبرير هذه الهجمات ضد الأونروا بمزاعم مفادها أن الوكالة تتواطأ مع حركة حماس أو مخترقة من قبلها.

تأخذ الأونروا مزاعم انتهاك الحياد على محمل الجد للغاية.

وبينما لا نعمل في بيئة خالية من المخاطر، فإننا نتبع نهج عدم التسامح مطلقًا مع أي انتهاكات مثبتة.

لقد وجدت المراجعة المستقلة لحياد الأونروا أن الوكالة لديها إطار حيادي أكثر قوة من الكيانات المماثلة.

ونحن نبذل قصارى جهدنا لتنفيذ توصيات هذه المراجعة.

يجب أن أؤكد أن الأونروا - مثل الكيانات المماثلة للأمم المتحدة - ليس لديها قدرات شرطة أو قدرات عسكرية أو استخباراتية.

فنحن نعتمد على الدول الأعضاء عندما تكون هناك حاجة إلى مثل هذه القدرات.

وعلى مدى أكثر من 15 عامًا، شاركت الأونروا سنويًا أسماء موظفيها مع حكومة إسرائيل.

نحن الآن نشارك هذه الأسماء على أساس ربع سنوي.

ويشمل ذلك أسماء الموظفين الذين لم تعرب الحكومة عن مخاوف بشأنهم من قبل، ولكنها الآن تدرجهم في قوائم تزعم انتمائهم لتنظيمات مسلحة.

لقد طلبنا مرارًا وتكرارًا من حكومة إسرائيل تقديم أدلة، كما اقترحنا كيفية مشاركة الأدلة الحساسة.

لكننا لم نتلق مطلقًا أي رد على ذلك.

لا تستطيع الأونروا معالجة الادعاءات التي لا تملك أي دليل عليها.

ومع ذلك، لا تزال هذه الادعاءات تُستخدم بهدف تقويض الوكالة.

 

السيدة الرئيسة،

إن الأونروا هدف سهل للأطراف المتحاربة التي تنظر إلى وجودها وأنشطتها على أنها تهديد.

فقد اتهمت حركة حماس الأونروا مرارًا وتكرارًا وبشكل علني، وخاصة إدارتها العليا، بالتواطؤ مع الاحتلال الإسرائيلي.

وعارضت حماس بشدة ولسنوات عديدة برنامج التعليم التابع للأونروا، مما شكل تحديًا لالتزامنا بتحقيق المساواة بين الجنسين وضمان الحيادية.

حتى أن حماس لم توافق على برنامج أسابيع المرح الصيفية للوكالة، والذي يجمع الفتيات والفتيان معًا من أجل الفن، والألعاب، والموسيقى، والرياضة.

وهنا اسمحوا لي أن أذكر ما هو بديهي - الأونروا ليست طرفًا في هذا النزاع.

إنها وكالة تابعة للأمم المتحدة.

وهي الآلية التي تم تكليف الأمم المتحدة من خلالها - من قبل الجمعية العامة - بمساعدة لاجئي فلسطين.

يجب على جميع أطراف النزاع السماح للأونروا بالوفاء بولايتها.

إذا لم تتمكن الوكالة من العمل في الأرض الفلسطينية المحتلة، فإن مسؤولية تقديم الخدمات للفلسطينيين - وتحمل تكلفة هذه الخدمات - لن تقع على عاتق الأمم المتحدة، بل على عاتق إسرائيل بصفتها قوة احتلال.

 

أصحاب المعالي والعطوفة والسعادة،

كنت قد حدثتكم قبل عام واصفًا الرعب الذي شهدته شخصياً في غزة بعد شهر من بدء الحرب.

لم أكن أعلم حينها إلى أي مدى قد يزداد الأمر سوءاً.

بعد عام على ذلك، تفيد الأنباء بمقتل أكثر من 43 ألف شخص، بما يقارب 70% منهم من النساء والأطفال.

وهنالك آلاف آخرون ما زالوا في عداد المفقودين تحت الأنقاض أو تُركوا لتفتك بهم الأمراض.

وتعرض تقريبًا غالبية السكان للنزوح، وبشكل متكرر.

لا يزال الرهائن الذين اختطفوا من إسرائيل في أسر مرعب - وما زلت أدعو إلى إطلاق سراحهم فوراً وبلا شروط.

تتعرض منطقة شمال غزة للحصار، كما يُحرَق الفلسطينيون ويدفنون أحياء نتيجة للغارات والضربات الجوية.

ينتشر الجوع على نطاق واسع ومن المرجح أن تكون المجاعة مستشرية بالفعل.

يقول المسؤولون الإسرائيليون إن الناس لن يُسمح لهم بالعودة إلى هناك.

في مختلف أنحاء قطاع غزة، لا يتعلم 660 ألف طفل، والذين من المفترض أن يكونوا في المدارس، أكثر من كيفية البقاء على قيد الحياة.

***

أما في الضفة الغربية المحتلة فإن المخاطر عالية أيضاً.

حيث يشكل عنف المستوطنين والتوغلات العسكرية لقوات الأمن الإسرائيلية واقعاً يومياً.

وكذلك يتم تدمير البنية التحتية العامة بشكل منهجي أثناء العمليات العسكرية، مما يفرض عقوبات جماعية على الفلسطينيين.

وتتوسع أنشطة الاستيطان غير القانونية بشكل اعتدائي، في ظل الإفلات التام من العقاب.

***

وفي الوقت نفسه، امتدت الحرب إلى لبنان.

حيث نزح ما يقرب من مليون شخص.

وكما هو الحال في غزة، تعمل الأونروا على دعم الاستجابة الإنسانية في لبنان.

حيث فتحنا مراكز للإيواء والتي تستضيف الآلاف من النازحين.

***

لقد فر ما يقرب من نصف مليون شخص - من بينهم 5,000 لاجئ فلسطيني - من لبنان إلى سوريا، التي بدورها تكافح للتعافي من الحرب، والأزمة الاقتصادية، والزلازل المدمرة.

لقد جفت مصادر التمويل لسوريا.

كما اضطرت الأونروا إلى خفض المساعدات النقدية والغذائية الأساسية.

***

أما الأردن فليس بمنأى عن عدم الاستقرار الإقليمي المتزايد.

يعاني العديد من لاجئي فلسطين هناك من ضعف شديد في مواجهة الصدمات الاجتماعية والاقتصادية.

وفي هذا الوقت من انعدام اليقين وتعمق الأزمات، يتجه لاجئو فلسطين في جميع أنحاء المنطقة إلى الأونروا، والتي لم تشهد بتاريخها خطرًا أكبر من مما نشهد في يومنا هذا.

سيدتي الرئيسة،

سيؤدي تنفيذ تشريع الكنيست إلى عواقب كارثية.

في غزة، سيؤدي تفكيك الأونروا إلى انهيار الاستجابة الإنسانية للأمم المتحدة، والتي تعتمد بشكل كبير على الهيكلية الأساسية للوكالة.

إن قضية التعليم غائبة بشكل صارخ عن المناقشات حول غزة بدون الأونروا.

إن الفلسطينيين يقدرون التعليم تقديرًا كبيرًا - فهو يمثل القيمة والميزة الوحيدة التي لم يحرموا منها.

وفي غياب نظام الدولة أو أي إدارة عامة مؤهلة، فإن الأونروا وحدها قادرة على تقديم التعليم لأكثر من 660 ألف طالب وطالبة في غزة.

في غياب الأونروا، سيتم حرمان جيل كامل من الحق في التعليم.

سيتم التضحية بمستقبلهم، وزرع بذور التهميش والتطرف.

قبل الحرب، كانت الأونروا تعالج ما بين 70 إلى 80 بالمائة من احتياجات الرعاية الصحية الأولية في غزة.

وما زلنا نقدم 17 ألف استشارة طبية كل يوم.

في الضفة الغربية، من شأن انهيار الأونروا أن يحرم ما لا يقل عن 50 ألف طفل من التعليم، وكذلك حرمان نصف مليون لاجئ فلسطيني من الرعاية الصحية الأولية.

ولن ينهي تفكيك الأونروا "وضع لاجئي فلسطين" - فهذا الوضع قائم بشكل مستقل عن خدمات الوكالة - ولكنه سيضر بشدة بحياتهم ومستقبلهم.

***

إن التشريع الذي أقره الكنيست يشكل ضربة مروعة لموظفينا.

حيث يخشى 17 ألف موظف في الأرض الفلسطينية المحتلة أن يفقدوا وظائفهم.

كما يخشون المزيد من الهجمات التي تشرعها هذه القوانين.

وهذا الخوف مبرر.

ففي الأسبوع الماضي فقط، تعرضت إحدى الموظفات في الضفة الغربية للاعتقال ومن ثم للمضايقة والتهديد من قبل قوات الأمن الإسرائيلية.

حيث اتهمتها بالعمل مع منظمة إرهابية، واستولت على جهاز الكمبيوتر المحمول الخاص بها التابع للأونروا، واستخدمته للوصول إلى معلومات داخلية.

إن هذا يشكل انتهاكا كاملا لامتيازات وحصانات الأمم المتحدة.

وعلى الرغم من كل ما تعرض له موظفو الوكالة، فإنهم يخشون أن الأسوأ لم يأت بعد.

 

أصحاب المعالي والعطوفة والسعادة،

سأختتم كلمتي بتكرار ثلاثة مطالب قدمتها للدول الأعضاء الأسبوع الماضي، مع طلب إضافي:

أولا، أطلب من الدول الأعضاء أن تتحرك لمنع تنفيذ التشريع ضد الأونروا.

إن التغييرات في ولاية الأونروا هي من اختصاص الجمعية العامة، وليس الدول الأعضاء بمفردها.

ثانيا، أطلب من الدول الأعضاء أن تضمن تحديد دور الأونروا بوضوح في أي خطة للانتقال السياسي.

يتعين أن يكون إنهاء تفويض الوكالة تدريجي وضمن إطار حل سياسي، وفيما يتعلق بالأرض الفلسطينية المحتلة فيتعين انتقال خدماتها إلى إدارة فلسطينية مخولة.

ثالثا، أطلب من الدول الأعضاء الحفاظ على تمويل الأونروا، وعدم حجب أو تحويل الأموال على افتراض أن الوكالة لم تعد قادرة على العمل.

إن تكلفة تقديم الخدمات الأساسية، بما في ذلك التعليم والرعاية الصحية، خلال فترة الانتقال ستكون هائلة.

أما طلبي الأخير فيتعلق بمستقبل نظامنا المتعدد الأطراف والأمم المتحدة - والتي تشكل الأونروا جزءا لا يتجزأ منها.

أطلب من الدول الأعضاء استخدام جميع الأدوات القانونية والسياسية المتاحة لها لضمان الحفاظ على النظام الدولي القائم على القواعد.

إن الأمم المتحدة وموظفيها في وضع يتعذر الدفاع عنه على نحو متزايد، ولن نتمكن من البقاء وتقديم الخدمات إذا لم يصمد الإطار القانوني والسياسي الذي نعمل ضمن إطاره.

أحثكم على التفكير بجدية فيما قد يعنيه ذلك لمستقبلنا الجماعي.

شكرا لكم.